بوابة بالعربي الإخبارية

السعودية تقود المستقبل الرقمي.. المركز الثاني عالمياً يرسخ ريادة المملكة التقنية

الجمعة 19 ديسمبر 2025 04:48 مـ 28 جمادى آخر 1447 هـ
سامر. شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض
سامر. شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض

في عالم المال والاستثمار، القيمة الحقيقية لا تكمن في امتلاك الأدوات فحسب، بل في القدرة على تحويلها إلى محركات للنمو والازدهار. واليوم، ونحن نتابع إعلان البنك الدولي من واشنطن لنتائج مؤشر نضج الحكومة الرقمية (GTMI) لعام 2025، نجد أن المملكة العربية السعودية قد انتزعت المركز الثاني عالمياً من بين 197 دولة؛ في خطوة تؤكد أن المملكة لم تعد مجرد مشارك في السباق التقني، بل أصبحت المحرك الرئيسي له.

بصفتي مراقباً للمشهد الاستراتيجي، أرى أن نسبة النضج المذهلة التي حققتها المملكة (99.64%) هي بمثابة "اعتماد دولي" لنموذج سعودي مبتكر، أعاد تعريف مفهوم "الدولة الذكية" ووضع الرياض كعاصمة عالمية لسياسات المستقبل الرقمي.

تحليل مؤشر نضج الحكومة الرقمية 2025: ركائز الريادة

عندما نفكك الأرقام الصادرة عن البنك الدولي، نكتشف أن هذا الإنجاز التاريخي استند إلى ركائز استراتيجية جعلت من "رؤية السعودية 2030" نموذجاً ملهماً يتفوق على كبرى الاقتصاديات العالمية:

1. تكامل الأنظمة (هندسة التمكين الرقمي)

حققت المملكة في محور الأنظمة الحكومية الأساسية نسبة 99.92%. في فكر "سامر شقير"، هذا يعني أن الجهاز الإداري للدولة يعمل بتناغم فائق يضمن استدامة النمو. هذا الربط الذكي يمثل البنية التحتية الأكثر جذباً للاستثمارات المليارية؛ فالمستثمر العالمي ينجذب للبيئات التي تتسم بالوضوح، والسرعة، والدقة الرقمية المتناهية.

2. جودة الخدمات (المواطن في قلب الابتكار)

بنسبة 99.90% في كفاءة تقديم الخدمات، أثبتت السعودية أن الابتكار موجه بالدرجة الأولى لخدمة الإنسان. منصات مثل (نفاذ، وأبشر) لم تعد مجرد حلول تقنية، بل أصبحت ركائز أساسية لرفع جودة الحياة، مما يضاعف من العائد الاجتماعي والاقتصادي (ROGI) ويعزز من كفاءة الإنفاق الحكومي.

البيانات كأصل استراتيجي: وقود الاقتصاد الجديد

إن ما يميز هذا المركز العالمي هو القيمة التنافسية التي يمنحها للاقتصاد الوطني. السعودية اليوم تتربع على واحدة من أضخم "بحيرات البيانات" (Data Lakes) تنظيماً وجودة في العالم، مما يفتح آفاقاً غير مسبوقة في مجالين:

* قيادة الذكاء الاصطناعي: هذه البيانات هي "المادة الخام" التي تغذي محركات الابتكار في مدن المستقبل مثل "نيوم" و"ذا لاين".

* صناعة القرار الذكي: الرقمنة الشاملة تمنح المملكة القدرة على استشراف المتغيرات الاقتصادية واتخاذ قرارات استباقية مبنية على الحقائق، وهو ما أسميه "التفوق بالمعلومة".

(نحن لا نتبنى التقنية لمجرد مواكبة العالم، بل نصيغ من خلالها معايير عالمية جديدة تليق بطموحنا. المركز الثاني هو اعتراف دولي بأن السعودية أصبحت 'المختبر العالمي الأول' لحلول المستقبل).

الخلاصة: رؤية تلهم العالم

التحدي القادم للمملكة يتجاوز الحفاظ على هذا المركز؛ التحدي هو تحويل هذا النضج إلى "صادرات معرفية" ونقل التجربة السعودية للعالم. لقد انتقلت المملكة من مرحلة "بناء الأنظمة" إلى مرحلة "قيادة الابتكار العالمي".

المملكة اليوم ترسم مسارات جديدة للمستقبل الرقمي. المركز الثاني عالمياً محطة تاريخية في رحلة الطموح، وهو يؤكد أننا نمتلك الرؤية، والأدوات، والإرادة للوصول إلى القمة العالمية في كل المجالات.