موضوع خطبة الجمعة اليوم .. حرمة المال العام وخطورة تقديم المصلحة الشخصية
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان: «فظللتُ أستغفر الله منها ثلاثين سنة»، مؤكدة أن الهدف الرئيس من الخطبة هو ترسيخ الوعي بقدسية المال العام، وبيان مكانته الشرعية، وضرورة صيانته والحفاظ عليه باعتباره حقًا أصيلًا للمجتمع كله، وليس ملكًا فرديًا يُتصرَّف فيه بلا ضوابط. كما قررت الوزارة أن تتناول الخطبة الثانية قضية التفكك الأسري وآثاره السلبية على المجتمع.
وأوضحت الوزارة أن التراث الإسلامي حافل بالنماذج الأخلاقية الرفيعة التي تعكس عمق الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين، مشيرة إلى ما رواه الإمام الخطيب البغدادي عن أبي بكر الحربي، أنه سمع السَّريَّ السَّقَطيَّ رضي الله عنه يقول: «حمدتُ الله مرة، فأنا أستغفر الله من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة».
وبينت الرواية أن السري السقطي، حين سُئل عن سبب ذلك، قال إن حريقًا اندلع في السوق حيث كان يملك دكانًا، فلما بلغه الخبر خرج ليتحقق من الأمر، فاستقبله رجل وبشره بنجاة متجره، فحمد الله على ذلك، ثم عاد إلى نفسه فوجد في هذا الحمد خطأ، لأنه انطوى على فرح خاص في وقت أصاب فيه البلاء غيره.
وفي رواية أخرى أوردها ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، قال السري رضي الله عنه: «منذ ثلاثين سنة وأنا أستغفر من قولي: الحمد لله مرة»، موضحًا أنه ندم على تلك الكلمة لأنه تمنى لنفسه خيرًا لم يشمل سائر المسلمين، وهو ما رآه تقصيرًا في حق مشاعر التضامن العام.
وتكشف هذه القصة، بحسب ما أوضحته وزارة الأوقاف، عن جوهر الأخلاق الإسلامية التي تقوم على الإحساس بالآخرين، وعدم الانعزال عن آلامهم أو الفرح بالسلامة الفردية في وقت تصيب فيه المصائب الجماعية. فالسري لم يستغفر من لفظ الحمد ذاته، وإنما من الشعور القلبي الذي حمل تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
وأكدت الوزارة أن هذا النموذج الأخلاقي يضع تساؤلًا جوهريًا أمام واقعنا المعاصر: إذا كان هذا حال أهل الورع والتقوى مع مجرد خاطر عابر في النفس، فكيف يكون حال من يعتدي صراحة على المال العام، وهو مال الأمة بأسرها؟
وشددت على أن المال العام ليس ملكًا شخصيًا، بل هو حق جماعي، وأي اعتداء عليه يُعد اعتداءً مباشرًا على حقوق ملايين المواطنين، وإهداره أو الاستيلاء عليه يمثل إخلالًا جسيمًا بقيم الأمانة والعدل.
واختتمت الوزارة بالتأكيد على أن قصة السري السقطي تعلمنا أن المؤمن الصادق يحمل همَّ أمته كما يحمل همَّ نفسه، ويتألم لألمها كما يتألم لألمه الشخصي. ومن هذا المنطلق، لا يمكن التوفيق بين الادعاء بالإيمان وبين التعدي على المال العام، أو تقديم المصالح الشخصية على حساب المجتمع، أو تعطيل النفع العام من أجل منفعة خاصة.
